الجريسي عزوة أهل الزلفي


ومما يدل كذلك على ارتباط عائلة الجريسي بالزلفي أن الجريسيُّ عِزْوَةُ أهلِ الزُّلْفِي ونَخْوَتُهُمْ عند المُلِمَّات.

يقال: «أولادُ الجريسي»، أو «صيب الجريسي»، أو «عِيَال الجريسي»، وكلها بمعنى واحد؛ وهي عِزْوَةٌ أو نَخْوَةٌ تُطلَقُ على أَهْلِ الزُّلْفِي.

يقولُ عبد الله بن خَمِيس حَوْلَ ذلك :

إِيهِ نِعْمَا بِكُمْ أولادِ الجْرِيسِي طِبْتُمُو مَـحْتِدًا وَطِبْتُمْ مَكَانَهْ
تُنْبِئُ الْبِيدُ والْمـَهَامِهُ عَنْكُمْ إِذْ فَرَرْتُـمْ عَنْ حُنْكَةٍ وَزَكَانَهْ
فَهُدَاةٌ عَلَى ظُهُورِ الْـمَطَايَا  وَحُمَاةٌ إِنْ سَلَّ بَغْيٌ سِنَانَهْْ

ويقول الدكتور حُمُود البَدْر : إذا نادى منادٍ : "يا أولاد الجريسي!!"، تَرَكَ كُلُّ واحدٍ ما في يده أيًّا كان، ولبَّى النداء، وإذا ضِيمَ أحدٌ نادى بأعلى صوته: "يا أولاد الجريسي!!"؛ فيجدُ حالًا - وبلا تردُّدٍ - مَنْ يُجِيبُ ذلك النداء، ويَنْصُرُ المنادي بأَغْلَى ما لَدَيْهِ .

هذه هي الكَلِمَةُ التي كان أبناءُ منطقةِ الزُّلْفِي يَستعملونَهَا عندما يَحْتَاجُونَ إلى فَزْعَةِ إخوانِهم، وكما يقولُ : تلك هي العِزْوَةُ التي يَعْتَزُّونَ بها ، وكان لتلك العِزْوَةِ أو النَّخْوَةِ مكانٌ في الشِّعْرِ؛ فلا تكادُ تخلو أبياتُ شُعَراءِ منطقةِ الزُّلْفِي من هذه العِزْوَةِ ؛ فهي مصدرُ اعتزازٍهم. يقولُ الشاعر عبدالله الثُّمَيْرِيُّ :

وِتْوَافَقُوا ثُمِّ انْتَخَوا كِلِّ نِحْرِيرْ صِيبِ الْجِرِيسِيْ) عِزْوَةٍ يِحْتِسِبْ لُهْ

وقال الشاعرُ سعدٌ العوادُ :

سَلِّمْ على نَسْلِ الْـجُدُودِ الْـمَعَارِيبْ رَبْعِي عِيَالِ (جْرِيسِيْ) سُقْمِ العِدَانِي

وقال أيضًا في إحدى قصائدِهِ:

إلى كِلٍّ تَعَزَّى بِالعَزاوِي رَبْعِي عِيَالِ (جْرِيسِيْ) سُقْمِ العِدَانِي

وكان سماعُ أهازيجِهم وعَرضتِهم يَستثيرُ العَواطفَ ويَستجيشُ المشاعرَ، فقد كان أحدُهم يَعملُ أجيرًا في زَرعِ أحدِ المُلاَّكِ، وبينما كان يُسوِّي الماءَ في المَزرعةِ إذ سَمع عَرضةَ أهلِ "الزُّلْفِي"، فألقى المِسْحَاةَ وذهب يَعْدُو إليهم، وترك الزرعَ والماءَ، فلمَّا لامَهُ صاحبُ الزّرعِ على ذلك قال: «حَمْلَةٌ مع عيالِ الجريسي تِسْوَاك أنتَ وزَرْعك» ، ويَقْصِدُ هنا بـ«أولادِ الجريسي»: أهلَ الزُّلْفِي.